مقامات الشيخ معيوف: قصةٌ قصـــــــيرةٌ ـ لـ عبـــــــدالله خلــــــــيفة
المقامة الأولى
< 1 >
لم يجعلني أتوجه لتدبيج هذه الكلمات من النثر الفصيح ، والقول المليح ، ويجعلني بهذا أخرجُ عن صمتي المكنون ، بعد طول تشرد وجنون ، إلا جعجعةُ رجلٍ يدعي بلاغةَ القول ، وجمالَ التصوير ، فعرضني أسوأ العرض في مرسحه المعتم ، المضاءِ بأرخص شمع ، والمليء بأسخف دمع ، وهو المكثر من الحركات والتشنجات والصرخات.. فيا ليته أطرب الناس بأجمل الأنغام ، وشنف الآذان بحلو الكلام.. !
وأين لمثل هؤلاء المدعون بالمسرح التجريبي ، أن يعرضوا إنساناً من لحم ودم ، والمحترق من إيجار وهم ، والمنهار من قول كاذب وتلغيم لاهب ومن مجيء غمة وزوال نعمة ؟
وقد أفزعني وأنا في شيبتي وقلة حيلتي ، وفقدي للعزيز المناصر ، والابن الحاضر ، أن يجعلني أضحوكةَ الحي هذا الممثلُ المشاغب ، والمخرجُ السائب ، الذي يلبسُ شتى الأقنعة ، ويتعمر شتى الخوذ ويتعرى ، ويتلوى ، وينحني تحت الطاولات ويقترب من السماوات ، فتحسبه طائراً وما هو بطائر ، وتحسبه حاضراً وهو مغادر . وهو كما قال القدماء حفظهم الله عودٌ من ثقافةِ تلبيس إبليس الرجيم .
وكيف لي أن أتصدى له وأنا ليس لدي مرسح أو مسرح ، أو حتى مطرح ، شردني الزمان ، وابتلاني الدهر بنوائبه الكثيرة الغزيرة ، حتى رحتُ أكلم نفسي ، و امشي في البحر حاسباً إياه براً . واعبرُ الأرضَ متصوراً إياها موجاً متلاطماً ، بلا سمك مفيد ، أو لؤلؤ نضيد.
قال اللعينُ إنني ذو نشأة دنيئة شريرة ، ومن نبت فاسد جاحد لمكرمات الأخلاق، وإنني ابن زانية وأخ عاهرة ، فكيف لرجل نشأ في كوخٍ فقيرٍ على صدقات المحسنين ، وعاشَ على قراءةِ القرآن ، والاعتكافِ في المساجد عشراتَ السنين ، أن يكون ابنَ امرأةٍ شريرةٍ ملطخة بالأوحالِ ، سيئة المآلِ ؟ !
اسألوا الشيخ ماجد الرماني الذي احتواني ، وفي مسجده وبيته رباني ، وافاض علي من كرمه وعطائه وأدخلني في أصفيائه ، فعرفتُ القراءات السبع ، والمتشابه والمحكم ، وأسباب النزول ، والمغازي ، وأُسد الغابة ، وتاريخ الفتوح، والحديث الصحيح والحسن والمتواتر والضعيف ، حتى صرتُ حجةً في القول ، ومعلماً للفتيان .
نعم كان ذلك بعد أخطاء عظمية ، وأحداث جسيمة ، ولكن من هو الكامل ؟ وأنا بعدَ أن رحلَ ابناي لم أعد أعرف من هو الصديق ، ومن هو العدو ، وتخبطتُ كثيراً ، وسكت طويلاً ، ولكن تلك الدائرة من الضوء ، التي دارت فيها الشموعُ ، وانفجرت فيها الدموعُ ، حركت نوازعني ورحتُ أكتبُ من قراطيس وجدتها في الشوارع ، ومن ورق أصفرّ في الجوامع ، ثم أخذت استعيدُ ذاكرةً بالية ، وحياة غافية..
نعم لا أذكر الآن من تلك الحياة الشقية ، إلا كيف كنتُ شاباً قوياً عريضاً طويلاً ، يهابني الناسُ ، ولكن كانوا يضحكون أشد الضحك على هيئتي ، وضخامة جثتي، ويقولون ها قد جاء البرميل الممتلئ بالريح ، والمجعجع الفصيح ، وكنت حينئذٍ ألبس عباءة مقصبة وأمضي إلى عامل فقير يجلس في غرفة شبه معتمة ، فأصرخُ فيه :
-ـ ماذا تفعل هنا يا مهاجر ؟
يرتعد العاملُ وهو يرى لحيتي المخنجرة تحت فمي ، وعباءتي المخنصرة التي تصل إلى قدمي ، فيتأتى بألفاظِ لغةٍ مكسرة ، ويعطيني آخرَ ما أدخره !
أمضي إلى فندقٍ مشتعلٍ بالأضواء ، وملون بالأصداء ، ومعمولٍ للإغواء ، وافتح الباب كأنني أمير ، مدخناً الغليون الكبير ، أنفث على الحضور والخصور والنحور دخاني الكثيف ، ونظراتي الباردة الساقطة من عل عالٍ ، ومن لعاب شائنٍ ، واحتسي الجعة ، بكل ثقة ومتعة .
أتطلعُ إلى الأخوة العرب الضيوف ، القادمين من وراء التلال ، حيث الرمال والطعوس والجبال ، وحيث يلعب الريال في خصور العيال ، بنظرةٍ حولاء ، تقول ولا تقول ، وتشير ولا تجيء ، وتمضي ولا تأتي ، فيتلهف القومُ على الاقتراب مني ، والسؤال عني ، وأنا لا أعطيهم كلمةٍ كاملة ، فيقولون :
-ـ من هذا ؟ هل هو شيخ ؟ هل هو .. ؟
ولا يأتيهم جوابٌ ، فيتقدم الجريء منهم ، والذكي اللوذعي عنهم ، فيتمتمُ :
-ـ هل تسمح لي يا سعادة الشيخ بالجلوس إلى مائدتك ؟
فلا أعطيه الرد الشافي ، وأبينُ له الفرق في العبارة بين ( سعادة ) الشيخ و( سمو ) الشيخ ، فالسعادة عند الشيخ معتادة من كثرة الخردة والرقادة والوسادة ، أما السمو فمطلب عسير مرير ، فهو أجدى به وأليق عليه لحاجته إليه ، ثم أجعله ينتظر مضغي ولهاثي ، حتى تأتيه الإشارةُ من أحد أطرافي ، فيقول :
-ـ هل أنت من هنا ؟ نحن لم نرك في هذا الفندق أبداً ..
وقبل أن أنطق بكلام ، يكون قد اكثر من جلب الُمدام ، فتمتلئ الطاولة بالعلب الباردة ، المرتجفة من الزمهرير ، والداخلة في أفواه السعير. ثم يأتي إخوانه مرتجفين من الاحترام ، حتى إذا أخذهم السكرُ التام نزعوا الكوفيات وانطلقوا في النكات والزعيق والتصفيق .
يتطلعون إليّ بعيون واهنة حائرة ، ويضعون على الطاولة الكثير من رزم الدينار ، فلا أتطلع إليها ، ولا أهتم بألوانها الزاهية الخلابة ، وأنا أتحرق شوقاً للثمها وضمها، وتقبيلها ووضعها على السرير البارد ، فقد طال فراقي لها ، وكثر بكائي عليها .
أقودُ الجمعَ المضطرب المتداخل الضاحك إلى سيارتهم الفارهة ، جالساً في المقعد الأمامي ، والقوم يحتفون بي، بين سيجارة عامرة بالطيب ، وزجاجة معتقة تخرج من الجيب ، يتطلعون إليّ وكأنني الساحر الذي يخرج الحوريات من القنديل ، وأنا أشير على السائق بالسبيل ، وانقل الثلة من الشوارع الكبيرة المضاءةِ ، إلى الأزقة التي لا تعترف بالمصابيح والأسلفت ، وتبدأ السيارة الأمريكية الباذخة في السكر ، والنزول في الحفر ، ورؤوس القوم تضرب السقف ، وهم لا زالوا يتحرقون شوقاً لرؤية البيت العتيد ، الذي يمتلئُ بالغيد .
وحين نصل إلى حينا العامر بالفتية ، وتقرقع السيارةُ من إطارات مثقوبة ، وفرامل معطوبة ، ومصابيح مهشمة أكلتها الأحجارُ الفقيرةُ الجائعة ، أدع الثلة قليلاً تنتظر في الظلام ، وأمضي إلى فتيتي المتحمسين للضحية الجديدة ، وأقول لهم :
-ـ هؤلاء ضيوفنا بحاجة إلى شيء من المتع اللذيذة ، فلا تبخلوا عليهم ..
يقود الفتيةُ الجمعَ في أزقة تائهة من أمعاء المدينة الضائعة ، وفجأة تنهال الصفعات ، وتلتهب العصي على الجلود ، وإذا بالأقدام تنهب الأرض نهباً ، تتساقط الأجسام حيناً لكنها تندفع تبغي السلامة وقد فقدت البصر والفهامة !
يتغير لونُ السيارة وأرقامها ، وأوراقها ، وأجلس في كرسيها الخلفي ، مستمراً في نفث الدخان من غليوني ، مفكراً في ما هو محير في الطبيعة والكون ، والسائق الذي اختارهُ من أفضل الفتية وأوسمهم ، يقود السيارة نحو الفنادق والشقق العامرة بالورق ، والتي لا يأتيها أرقٌ أو موقٌ .
اسمي في هذا الفندق سلمان ، وفي عمارة الشقق المفروشة عدنان ، وفي المجمع التجاري الذي استلفُ منه حمدان ، ولدي عدة جوازات، ومجموعة كبيرة من الأختام ، ومن أجهزة الهاتف ، وكمبيوتر كالثعبان يتسلل إلى كل مكان .
هنا لا بد أن أقولَ معترفاً بأنه كان لدي أمٌ وأخت ، فأنا لست مولوداً من الهواء ، ولا زاحفاً من الماء ، كما يثرثر المسرحي الملعون ، وكانتا معي تعيشان في الكوخ البسيط في حارة الحدادين ، قرب مقبرة المسيحيين ، المجاورة لحديقة الحشاشين !
أنا لم أفعل لهما شيئاً مخجلاً ، فقد رأيت أمي تختفي كثيراً ثم تأتي بأكياس مليئة بالأكل ، وحين تمرضُ نكادُ نموتُ من الجوع أنا وأختي ، وكانت الأخيرة حلوة جميلة ، غير أنها ملوثةٌ بالسخام ومرشوشةٌ بنثار الطعام ، شعرها منفوش ، ووجهها مسّود مهروش .
وقتذاك لم أكن ذا حيلة وشطارة ، بل كنت أحب النوم والعيارة ، فرحتُ أصرخ على أختي أن تفعل شيئاً ، وأن تتعلم مهارات أمي ، ولم أكن أدري بهذه المهارات المتوارية ، والصفات الثاوية ، وإذا بأختي تغتسلُ وتتعطرُ وتلبس الثياب الأخاذة ، التي تظهر مفاتنها ، صدرٌ مفتوح ، ووجهٌ مغمور بالنور ، وفستان يصيبُ أي عين تراه بالجنون والفجور.
فصرختُ فيها :
-ـ ماذا فعلتِ بنفسكِ يا فتحية ! من أين استلفتي كلَ هذا الجمال واشتريت كل هذا الدلال!
وما أن عملتْ بضعَ أيام حتى تغير الكوخُ إلى بيت ، وغدت سحارة الثلج ثلاجة بحجم تل ، والسرير المهتز ذو الأخشاب المنخورة تحول إلى ملعب صغير ملون بالفراشات والغزالات ، فشبعتُ من النوم والتدخين والتسمين .
وإذا بالمسرحي المأفوك يتدخل في عشيتنا العائلية الهانئة ، وفي أيامنا السعيدة المتعتعة بالسكر وراحة البال .
جاء إلى بيتنا وراح يكلمُ أختي ، وحينذاك كان فتياً ، فتحدث معها عن أشياء غريبة منكرة ، عن تجمعات غريبة مُحرمّة ، ولقاءات مذمومة مشبوهة ملغمة ، فتركت أختي مهنتها التي تدر ذهباً وراحت مع الملعون .
كدتُ أجنُ ، وبكيت أمام أختي بسبب تفاقم مرض أمي وغياب الدواء ، وكثرة تدفق دمها من صدرها الحنون .
قام أولئك المجهولون الساكنون في العتمة والغموض ، والمصدرون للأوراق والقناديل ، والمناديل ، والتحاليل ، بجمع التبرعات للدواء وللبيت ، وجاءوا إلي ينصحوني بالعمل والدرس ، فشكرتهم شكراً كثيراً ، وعددت المال فوجدته ناقصاً، فهو لا يكفي إلا لنصف سهرة ، وربع سكرة !
ذهبتُ إلى مسرحهم ، وكان حينذاك أشبه ببيت عتيق ، امتلأ بأهل الحي المأخوذين بتلك الخشبة وأزقتها المتلوية وفوانيسها القديمة ، وأعلامها وألوانها وخلاخيلها ، وتسمرتُ أنا فوق الطين والحجر ، ورأيتُ العجب العجاب ، وكيف يتداخلُ الرجالُ مع النساء ، والأولاد مع البنات ، ويقولون كلاماً يهين الأرضَ والسماء ، ويدعو للوثوب على ولاة الأمر ، وهدم السلام المستقر ..
ذهبت إلى مركز الشرطة، فوجدت على لوحة الإعلانات ما يشبه الرسم كأنه لصورتي وهيئتي ، وكلمات للبحث عن هذا المجرم المتخفي واللص المتنكر بألف زي . .
لم أستطع أن أتراجع وأنا بين السلاح الشاكي ، والسواعد المفتولة والشوارب المنتصبة ، فدخلتُ على الضابط المسئول وكأني شحاذ فقير، ومسكين حقير ، ولكن الرجل وقد أدمن الفطنة وقراءة الخطوط في الوجوه ، حدقَ فيّ قليلاً فبادرته سريعاً :
-ـ الحق الحي يا سعادة الضابط قبل أن يتحول إلى غي ، وبادرهُ بالكي قبل أن يولج في الغي ..
صاح بي الضابط :
-ـ ما بالك تتكلم كأنك من القرن العاشر الهجري ؟
-ـ يا سيدي هؤلاء المشاغبين فرقوا العائلات وصنعوا مسرحاً يخلط الأولاد بالبنات ويهيج الفقراء على السادات !
حينذاك انتبه ولقولي ارتعش وانتعش ، وراح يسجل الكلمات والموقع والأسماء ، وفي الليل رأيتُ مصابيح الأجياب وهي تخترق بيوت (الأحباب) ، تدكُ أبوابها وتقتحم أحواشها وغرفها وتنثر مكتباتها وتتحسسُ أوراقها وتضع القيود في معاصم فتيانها المصابين بلعنة الغرور وبنشر الفجور والدعاية للخمور .
وحسبتُ إن أختي بعد هذه الواقعة الخطيرة ، والداهية الكبيرة ، سوف تتصدعُ وتخافُ ، ولكنني وجدتها جدَ متأثرة ، ودامعة مستمرة ، وغاضبة مكفهرة ، وراحت تسألني :
-ـ ترى يا أخي معيوف أثمة مرشد بين أولئك الفتيان ؟ ومن تراه يخبر عن مثل هذا الأنس والنور ؟
-ـ يا أختي العزيزة لم يعد الناس كما كان أجدادنا السابقون آياتٌ من عزيمة وشهامة ، وغدت النقود تفل الحديد ، وتحول الشريف إلى شرير برقصة معدن مضيء ، أو في هزة دينار وضيع !
-ـ إني سوف أذهب إلى مطر وهو في السجن ، وأطبخ له بعض الأكلات التي يحبها ، وأحمل إليه الكتب التي يود قراءتها . .
أكاد أن أطحن جلدي وأنا أهرس الكلمات :
-ـ وما لك بهؤلاء المشاغبين ، فقد يضعونك في زمرتهم وحينئذٍ يفتحون دفاترك القديمة ويعتبرونك غنيمة !
ولم تطعني ابنة اللئيمة ، فراحت تجمع الفلوس الصغيرة من نساء الحي ، وتشتر ي الكتب ، وتطبخ الطبخات التي لم تكن تعرفها في أيامها العتيقة ، وأنا أتحرق وأشوى دون أن يطفئني أحد ، أو تهتم بي بلد .
فهل أذهب للتبليغ عن أختي ؟ وماذا عن مشاريع الغد المأمول ؟ ونضوب النقود المستمر ومرض أمي المتفاقم ؟
لقد تفتق ذهني عن فكرةٍ جهنمية ، وربما حتى الشيطان راح يغار بسببها مني ، فقد حولت المسرح المتصدع ، والمكان الخرب المشبوه ، إلى صومعة للخير والفضيلة ، يـُعلم فيها الدين وتجمع فهيا التبرعات والخيرات وتوزع الأكلات ، وذهبت للضابط وقلت له إنني سوف أهدي القوم اللصوص والمجرمين ، وأعلم الفقراء المشردين ، وأقوي إيمان اليتامى والمعوزين ، فبارك خطواتي ومدني بمددٍ من مال ورجال .
وأنا بدوري جمعت اتباعي من اللصوص والعيارين والحرامية المعتقين ، ورحتُ ومعلمين من صنفي ممتازين ، نثقفهم ونعلمهم الأبجدية ، وما كانوا متعلمين سريعين ، أو مهذبين محترمين ، فكان الحرف بالكاد يخرجُ من بين أسنانهم الضخمة المكسرة ، وكان القلم لا يقف أبداً بين أصابعهم الخفيفة في التسلل إلى الجيوب وفض الخزائن وحمل المكائن ، والتهرب من الكمائن !
ولكن حين ينامُ الناس ، وترقد الفضيلة على فراشها الوثير وتغطُ في سبات طويل، تخرج تلك الثللُ من فصولها ، وتشمر عن سواعدها ، وتبدأ في نشر فضائلها ، وعرض بركاتها ، على سيارات واقفة متجمدة في المطار ، فلا يأتي النهارُ إلا وهي هياكل من حديدٍ خردة ، أو تتوجهُ لمخازنِ صغار التجار في الأحياء فإذا هي فارغة نظيفة إلا من صناديقها الخفيفة ، وتمضي إلى محلات الصياغة وإذا بالعقود المعقودة تنحل وبالأساور المغرورة تنصهر ، وباللآلئ الأصيلة تنهمر ، وبالآت الصراف الآلي تنكسر ..
وإذ غدوتُ في شغل أخلاقي مفيد في النهار ، وأطراف الليل المقطوعة ، فإني لم أعد آبه بأختي وسيرها في سكتها المقلقة الممنوعة ، بل دعوتُ لها بالصلاح وبالرشاد والفلاح ، خاصةً وأنا أتتبع أخبار الملاعين المتعلمين الهدامين ، ولكن ما أصبح يشغلني ويقظ مضجعي ذلك الضابط الذي ساعدني ، وببضعة رجال وأكياس من مال أمدني ، فهو كثير الجدال والتدقيق في أمر المسروقات ، وتوزيع المنهوبات، وإخفائها في الخرابات ، وفي بيعها بالمزادات وأسواق الأفلاسات !
يقول لي :
-ـ يا أخ معيوف لقد حددتُ لك المناطق التي تتم السرقة فيها ، فلا تتعدى على مناطقي في شرق المدينة ، وأجعلها دائماً في السوق أو الغرب منها...
-ـ لقد عملت لك يا أخ عتيق بضع سرقات في مناطقك وعينت لك أمكنةَ تواجدها حتى تذهب وتأخذها ثم تظهر صورك في الجرائد ، وتترقى ، وتصبح في أمكنة أعلى تفيد القضية !
-ـ هي قضيتان أو ثلاث ، هل صنعتَ انقلاباً فأفشلتهُ ، وكلها بضع مصوغات حقيرة وفي أمكنة صغيرة..!
-ـ هذه طريقة العمل ، لدينا مصاريف جمعية البر والتقوى وتعليم الأجيال الجديدة من الحرامية ، وتدريب النشالين على أساليب التقنية الحديثة ، فلم تعد العمليات تجري بالشكل القديم ، نحتاج لشراء أجهزة كمبيوتر وهؤلاء بالكاد يفرقون بين الفلفل والزعتر!
صرخ عتيق :
-ـ وهل أنا معلقٌ في الهواء ؟ ورائي وأمامي شـُعبٌ وأصدقاء وزملاء يشاركونني في الغنيمة والوليمة ، ويسألون عن كل درهم ، ويدققون في كل مغنم ، ولديهم كمبيوتر الغنائم مسجلٌ فيه كل علبة كلينيكس تـُسرق من محل رجلٍ أحول، أو علبة سمك تونة يخطفها صبي أثول ، هل تحسب إنك تستطيع أن تلهو في الشوارع بدون ذلك الغطاء الجوي من الكبار يا قائد الصغار ؟
أتطلع إليه مندهشاً مذهولاً وأنا أعرف أين يجتمع أولئك الضباط وفي أي بيت يعسكرون ، وماذا بعد الضبط والربط يفعلون ؟ وحتى لا يضبطُ رمشَ عيني سألتُ :
-ـ وكيف يقوم أولئك المعتقلون بالتمثيل والغناء وهم في عهدة الأمن والنظام ؟
-ـ أتحسب أنهم سوف يصمتون أو يتخلون عن ذلك المسرح الذي ضموا إليه اللصوص والعيارين ، وهم هناك بلا عمل ويأتيهم الغذاء إلى أفواههم ؟
وأضاف بغضب :
-ـ ولكن لا تحول المسألة وتنسيني ضريبة الغنائم وعليك أن تدفع الآن ستين في المائة إذا أردت حمايتنا أو نتركك للمجهول !
- شكراً جزيلاً أيها المسئول .
< 2 >
هذا ما كان من أمر أمي وأختي ، وهفواتي الأولى ، وأنا صبيٌ حائرٌ، وشابٌ عاثرٌ ، كلما فتحتُ زقاقاً من الرزقِ وجدتُ حراساً غلاظاً شداداً ، وحتى نسل الحرامية لهم مراتب دنيا وعلية ، وفيهم كوادرٌ كبرى وحواشٍ مقصية ، وكنت أتطلعُ إلى تلك القمة الشامخة ، والعلياء الباذخة ، ولكن أنا من ؟
أختي تركت سبلَ الرزق الدنية ، إلى علاقات الحب الرومانسية ، وراحت تسهرُ وتقرأ وتضعُ الفاتورة الكبيرة من الضياء والماء على ظهري ، وأمي لم تمت ، بل صمدت للحياة ، ولكنها لم تتعاف كلية !
اسأل نفسي أنا من ؟ أبن من ؟ أتطلعُ إلى أكبر قمة في هذه الإمارة ، إلى شيخ الديرة سيد الحظيرة ، إلى من في يده قطعان الإبل والرجال وآبار الماء والزيت والموت ، أريد أن أشارك شيخ الديرة عثمان في بعض تجلياته الدينارية والدرهمية ، أو حتى في تناسخات الروبية الهندية ، ولكن كيف السبيل إلى الوصول إلى يده وتقبيل أنفه ، رغم أن هذا الأنف ضخم أشبه بمغارة عصية ملأى بالأقبية والحفر المنسوجة بالشعر وبالتلال الرملية . . ؟ وهو الحاكم الذي يكادُ أن يقول أنا ربُ البرية !
فثمة طوابيرٌ طويلةٌ من البشر بعضها يعسكرُ منذ سنين، فأحدهم يـُسمى أبو حصيرة ليس لأنه لعبَ في أسعار أراضي الديرة ، وجلب الغانيات من أقصى أراضي القارات ، بل لأنه عاش سنةً ينتظرُ هناك على حصيرة ، حتى كاد أن يتحول إلى سحلية صغيرة ..
وآخر جثمَّ في خيمةٍ من شعر ، وأشعلتها الشمسُ مراراً ، وجاءتها الأمطار مدراراً ، ولكنه أبى إلا أن يعيد البناء وينتظر دوره في تقبيل اليد المباركة الشريفة ، حتى جاءه هادم اللذات والخيمات والدينارات فرحل غير مأسوف على شبابه ، وصار مثالاً للجد والمثابرة والمغامرة والمصاهرة والمسخرة . .
وهناك حتى امرأة رضيت إلا أن تتساوى مع الرجال ، وتناضل نضال الأبطال ، على الرغم من أن المرأةَ في عرفنا القبلي ، لا يُستحب أن تقبل الرجل حتى لو كان حاكماً ، إلا إذا كان الأمر في غير هذا المكان ، ولكنها بقيت عشر سنوات تنتظر هناك ، يسخفها الحراسُ وتناوشها الحياتُ وتصفعها الراياتُ حتى جاء دورها وهي عجوزٌ أثخنها العمرُ بالوقوفِ على الطلل المعروف ، وتزاحم في سمائها الخسوف والكسوفْ ، ولكنها حصلت على بغيتها وأعطوها إشارة التجارة فصارت من أعيان الإمارة !
ولو أنني وقفتُ مثل هؤلاء فمتى أصل وكيف الوصل ؟
فقعدتُ مفكراً ، وعزمتُ على ترك الكسل ، وتشمير سواعد العمل ، فرحتُ أقرأ إلى منتصف الليل ، عن الإبل والخيل وتواريخ الأعراب الكرام ، وكيف تــُصنع الخيمة وتــُحلب الناقة ، وكيف تعيش في الفاقة ، معتمداً على أكل الجرابيع وحشائش الربيع ، وما هو الفرق بين الفسيلة والنجيلة ، وما هي أخبار ثعلب و صديقه الأرنب وسوالف الأصمعي والجاحظ اللوذعي ، وأحفظ شعر بن لعبون وعمه خلقون وقيس ٍ المجنون حتى تكونت عندي حصيلة كبيرة من أخبار الصحارى والضببة وخيام الشعر والقماش والأطباق الفضائية المُخرِبة.
وقفتُ وما في الموتِ شيكٌ لواقفٍ ، حتى حمتْ السماءُ بلهيبِ القطعة الحمقاءِ ، وبسيوفها البتراءِ ، وذاب الناسُ الواقفون من حولي بعد أن هطلت الأمطار ، ونزعت الشعور المستعارة ، وأقفرت الديرةُ إلا من العيارة ، وأُدخلت على تابعٍ صغير من توابع شيخ الديرة عسى أن يحين الموعد للقائه.
وإذا بالرجلِ يجمع من حوله مجموعةً من الأغرابِ يتكلمون لغاتٍ شتى ، وكلٌ منهم يفتحُ حقيبةً ملآى بالدولارات والجنيهات والريالات والينات ، وليس معي سوى الكلمات والمقامات وعلم الحشرات ، فيا أيها الغافل قمْ وانظر كيف تتحرك الحقائب وتغدو آلات ، وتحسبُ الآنات والأنات ، وتــُدخلُ عظام العامل الهندي وتحوله إلى لفات ، وتضع ساقي الفليبينية ، فتغدو من الملكات الشهيات المنتجات للعسل المقوي للشهوات . .
فيا أيها الغافل قمْ وتوضأ وصلِ ، واذكرْ ربك وعلِ ، فما أنت بعابرِ هذا السبيل الموحش ، المنكر ، المخزي ، فما لديك هذا الرصيد ولا قوة هذا الحديد ، ولا تعرف أسعار اللغات ولا براميل الغازات ولا الأكراميات ولا أسعار البنات. .
كادت أن تأتيني لحظةٌ مخيفة ، أنهضُ وأذهبُ إلى البرية وأصلي ، يائساً من الثروة الممطرة ، راجياً الثروة في الآخرة .
ولكن مشاعرَ الكبرياء الحادة ، جعلتني أتطلع إلى تلك الوجوه بعجرفة ، وأروح أنثر ثروتي الضخمة من شعر الأغنام، وحداء الإبل ، وكيف يتحول حليبُ الناقةِ إلى ثروة مجففة ، وشعر التيوس طاقة مخففة ، وضببة الصحارى إلى أدلاء وشخصيات كارتونية محببة . .
لم أدرِ إلا وقبضاتٌ من الحراسِ الأشداءِ تأخذني وتلقيني في مقشرة.
قعدتُ في البيت طويلاً، ومزقتُ جلدي كثيراً حتى أن أختي أشفقت عليّ ، وصاحت :
-ـ ما بك يا معيوف، يا سيد الليل المخيف ، أراك يئست من الطواف ومن اللعب بالحروف ؟
تطلعتُ إليها بغضب ، خاصةً نحو ابتسامتها الساخرة المستبشرة بانهياري الوشيك :
-ـ هذا كله منك ومن تركك الشغل في المهنة التي تكسب ذهباً ، والتحاقك بعصبة لا تعطي مصاحبتها سوى السجون وكثرة الديون !
-ـ ألا تزال غاضباً مني يا أخي العزيز ؟!
-ـ ماذا يعجبك في مطر عدنان ، أي سحر سحرك به ، وأي كلام خلبَ لبك منه ؟ ماذا لديه ، أفهميني ، علميني ، هل يستطيع أن يغلب بياني ، أو يتجاوز لساني، أو يأتي بألعاب أكثر مني وأغرب ؟
-ـ لا، ليس لديه من كل هذا ، بل يمتلك طيبة القلب ، وحب الناس ، ورهافة الفن وأجنحة فراشاته وأشعة كلماته !
-ـ أليس غريباً أن تداومي على زياراته في السجن ، بين قبضات الرجال وشهواتهم المحبوسة الفائرة المشبوبة ؟ !
-ـ حتى وهو في السجن يقدمُ إليّ الهدايا التي لا تستطيع أنت أن تقدمها في عرسك !
-ـ تطلعي إلى أمنا المسكينة التي تنزفُ وهي نائمة ، وتخرفُ وهي قائمة ، كيف سنطببها وقد كثر أكلها وتفاقمت شهيتها ؟ !
-ـ لم أطلبْ منكَ مالاً وها أنا أعملُ وأخيطُ وأبيع وأنت تنصبُ على الناس وعلى نفسك ..
-ـ وهل أجلس عاطلاً باطلاً ، وديننا دين عمل وأمل . . ؟
-ـ وحتى جمعية البر والتقوى التي لطشتم بها مسرحنا صارت سبباً في الغم والهم من كثرة اللحى الداخلة والنعل الماحلة ، حتى أصيب الناس بالاكتئاب بدلاً من الفرح والطرب . .
ذهبتُ إلى الضابط عتيق وقلت له بعد تأمل عميق :
-ـ توسط لي من أجل أن أحصل على ملف جماعة المسرح وأسمائهم وأسماء أسرهم وأخطائهم وكل ذنوبهم ..
تطلعَ إلي بدهشة :
-ـ وماذا تريد أن تفعل بعد أن أعجزوا الضباط الأشاوس ؟
-ـ لن تضيركم نسخةٌ تعطونها للعبد الفقير .
لم يكن ملفاً بل كتباً ضخمة ، واحتجت إلى عربة لحملها ونقلها ، وعدة رجال أشداء لرفعها إلى غرفتي في السطح، وقد كلفني النقل الكثير من المال ، أما القراءة فكانت مهلكة، والتقارير المكتوبة كأن من كتبها حمير معطوبة ، فهي كلمات عن أحاديثهم السخيفة إلى أسماء من يشتري الساندويتشات ومن يقرص الفتيات ومتى تبدأ البروفات، ومن يصمم الملابس ومن يرقع الثياب ، فقرأتُ وقرأتُ حتى كلّ بصري، ودهشتُ كيف كتبَ هؤلاء المخبرون كل هذه السخافات فجمعوا كل تلك المكآفات والعلاوات والشهادات ؟
قلت لعتيق :
-ـ أريدُ حسن المدحوب ..
-ـ بل أسمه حسن المكروب .. أهذه أولها ؟ !
-ـ نعم حسن المكروب ، أحضره ..
-ـ وهل تعتقد أن خروجه سهلٌ من السجن ، بين مراقبة أصدقائه وشكوك حراسه؟
-ـ أفعل له أي مصيبة ، أقتل أباه أو أمه ، أو أصنع جنازة رمزية لجده ، أو ضع مسهلاً في عشائه ، أو منوماً في شايه، أفعل أي مصيبة وهاته !
عندما جاء حسن المعطوب ، وهذا هو الاسم الحقيقي النهائي ، وقيد إلى غرفة تحقيق مدهشة ، مليئة بزجاجات المدام وأطايب الطعام ، ورآني وحيداً متصدراً الطاولة الموقرة ، أصابه الذهول الشديد ، وجلس يحدق فيّ بين مكذبٍ ومصدق ، حتى أفرغ زجاجةً في جوفه ، فجاءه الصحو المطلق .
قلتُ له :
-ـ أنت تعرفني بشكل دقيق يا أخ حسن ، وتتذكر كيف كنا طفلين شقين ، نخرجُ من المدرسة لنبحث في بقايا بيوت الإنكليز فنعثرُ على أشياء تافهة نبيعها ، ثم تطورت هوايتنا إلى مراقبة النسوة وهن يتعرين أو يمارسن الحب . ثم إلى تسلق الأسوار والجدران وخطوط الأمان ، والبحث عن الخزائن والأشياء الثمينة . وكنتُ منذ ذلك الحين أتوسمُ فيك مخايلَ الذكاء والعبقرية ، أقول هل هو ابن امرأة بشرية أم جنية ؟ لطشٌ سريع للمحافظ وللحوافظ وقدرةٌ على الانفلات من أي دورية !
وبعد أن تزوجت أمينة ، وأقعدتك في البيت رهينة ، تركتَ التجارة المربحة إلى الثقافة الجارحة ، ولكن لغتك الفذة وبديهتك القوية النافذة، جعلتني استرجعُ كلَ شريط الذكاء الطفولي ، وأقول هل هو هو ؟ ألا يمكن أن أكون مخطئاً ؟ هل عرفتْ البشريةُ مثله ؟ ولم هذه الهالة من النور حوله ؟
تطلعَ فيّ حسن مندهشاً ومبتسماً :
-ـ هل تتحدث عني يا معيوف ؟ أم تحدق في طيفٍ من الطيوف ؟
صحتُ بقوة :
-ـ هل يخفى القمرُ بين أكوام الحجر وألا يبرق الماس في الفحم اليباس ؟ أنت لا تعرف قدرك ، ولا تعي خطورة دورك !
غدا حسن أكثر استرخاءً ورضىً ، خاصةً بعد تدفق السوائل المنعشة في أوردته اليابسة ، وتصاعد الغرورُ في نفسه الخائسة .
-ـ بعد أن بحثتُ وسألتُ ودرست وتهت وتعبت وتقيأت وحججتُ أربع مرات أدركت أنك هو ، أنت ولا أحد غيرك ، وربما كنتَ تحاول التخفي وتمويه شخصك بين جعجعة الممثلين ومطاوي المجرمين وثرثرة الحلاقين .
-ـ أنا بتُ في شوقٍ إلى معرفة نفسي ؟ !
-ـ أنت المهدي غير المنتظر ! لا تحاول أن تواصل خداع العلماء الفضلاء ، ومواصلة البقاء في ذلك الدور الصغير، حيث المخرج مطر عدنان يحرككم مثل القش والتبن ، خائفاً من عبقريتك المدفونة ، ودرتك المكنونة ، مقرباً الفتيات الجميلات من نصوصه ومعطياً الخبز والعيش لوصاويصه . .
-ـ ألا تعتقد إنك تبالغ قليلاً بإعطائي دور المهدي غير المنتظر مرةً واحدة ؟ !
-ـ ومن يعطيك دوراً بل أنت المهدي فعلاً ، وأنت الذي يجب أن تعطينا أدوارنا وتوزع علينا ثمارَ عملنا ، فهي من بركاتك ، وهذا النور كله من خطواتك ، وهذا العيش والنَفَس من حركاتك وسكناتك . .
-ـ يعني إذا صرت المهدي يمكنني أن أخرج وأذهب إلى زوجتي وعيالي ؟ !
-ـ أنت الذي تستطيع أن تسجننا بعد هذه اللحظة ، وبعد أن انفجرت ساعة المكاشفة ، وطلعت الأنوار من وراء الأسوار ، وانكسف ظلامُ الكفار ، وحلت ساعةُ الأخيار ، لم تعد مرهوناً بسجن أو موقوفاً في عهن ، بل أنت سيد البرية ومالك هذه القضية !
-ـ أخرجُ ، أخرجُ فعلاً ، فلا ناطور بلوشيٌ يمسكني ولا حارس هنديٌ يوقفني ، ولا شرطي يمانيٌ يصفعني ، ولا جنديٌ سوري يغتصبني؟
-ـ نعم، تخرجُ بترتيب أريب ، وليس بطلوع مشكوكٍ فيه غريب !
-ـ أأعودُ إلى السجن وإلى وجبات العدس الرملية ، ونفايات السمك المقلي ، وأنا المهدي بجلالة قدري ؟
-ـ إذا نحن اقتنعنا بأنك المهدي غير المنتظر فإن جماعتك لن تقتنعَ فيك ، وقد رأتك تبولُ على تنكة وأحياناً على ساقك ذي الحكة ، وسمعتك تقول سخائف القول وتفاهات القصص الماضية ، وتتشاجر مع القطط وتخرج الريح السخية ؟
-ـ حيرتني يا معيوف ، وها قد أمرضني اليأس والخوف !
-ـ دعنا نرى بدايةً لو أنك فعلاً استطعت أن تصل إلى شخصك الحقيقي المتواري ، وبعد أن تتكونَ ثم طلعت للناس ستترامى تحتك الأموالُ والأراضي فتفتح الدكاكينَ والمؤسسات العامرة ، ويندفع الناسُ لتقبيل يدك ، ووضع أموالهم في خزنتك ، ويعطونك من النساء من تشاء ، وتسافر وتغامر ، فتتبدلُ من ممثل فاجر إلى شيخ تاجر ، فأنظر كيف ستصبح وإلى أي مدى سيصل نفوذك وربما تتحول إلى أمير في بلد صغير ، أو حتى إمبراطور في بلد خطير !
-ـ لقد شوقتني إلى هذا العالم الغريب ، ولكن هل هذا الدور ممكن قريب ؟
-ـ قلتُ لك إنه ليس دوراً بل حقيقةً ناصعةً . ولكن ذلك يحتاجُ إلى وقت وخطة محكمة ، وسوف نقوم بعزلك عن جماعتك الظلمة ، لتعيشَ بعضَ الوقت في مستشفى نهاراً ، وفي مدرسةٍ ليلاً . وهو عملٌ مركبٌ ومعقد ، نقوم بتدريسك أثناءه عن الدين والمهدية وكل قصص التراث المروية ، فتشرب العلم شرباً من غير قرطاس ولا دفتر .
-ـ ولماذا لا تعطوني الكتب لأخذها إلى الزنزانة وهناك أجعل أصدقائي يقرؤونها لي فأحفظها؟
-ـ أنظر هنا إلى كم الأخطاء التي سترتكبها ، فأنت ستذهب إلى زنزانتك ومعك كتبٌ منا ، فماذا ستقول لجماعتك ، إنهم أعطوني إياها كي أخدعكم ؟ ! ثم أنت تقوم بحمل كتب تعلمك المهدية وأنت لا تحتاج إلى هذه الفرية ، فهي إيحاءٌ رباني وضوء إلهي ، وحين يرون انثيال العلم منك انثيالاً وتدفقه عليك زلالاً ، وتتفجرُ معجزاتك وتكثرُ كراماتك فسوف يسجدون لك وينشرون سيرتك فتخرج إماماً طاهراً وقائداً ماهراً ، وهم يعرفون إنك كنت حلاقاً كسولاً ، لا تقرأ أداورك إلا بمساعدة ، ولا تحفظ السطرين إلا بالمجاهدة والمجالدة !
والآن عُدْ إلى زنزانتك بعد أن تـُرمى لحظة في الوحل وتعضك الكلابُ عضات ، وتمزق ثيابك وجلدك وتورم أذنك عدة ورمات ، حتى يأتيك موعدنا بعد يومين حين ستدعي بالمرض الشديد وتتلوى وتتعوى وتكون قاب قوسين من الهلاك ، فليحرسك الملاك !
< 3 >
كان مبالغاً في دوره ، فقد تلوى حتى كاد أن ينكسر ، ولم يأتيه الحراسُ بسرعة ، كما توقع ، وكاد أحد الممثلين المعتقلين وهو طبيب متدرب أن يقوم بفحصه ، لولا أن الشرطي المصور لكل هذه اللقطات في غرفة المراقبة أسرع بتوصيل المعلومات ، واعطاء التنبيهات ، فاندفع الطاقمُ العسكري إلى الزنزانة ، وحملوا الأمانة ، سائرين بها في الممرات بين تدقيقِ الحراس وفحص الكاميرات ، حتى وصل حسن المعطوب إلى المستشفى وهناك وُضع في مكان منعزل ، حتى لا يسرب أفكاره الهدامة ، ولا يحتك بأهل البساطة والسلامة.
وكاد الأحمق أن يرتكب العديد من الأخطاء ، فكان يتصل بزوجته ، ويثرثر عن مهمته ، وكانت الخطوط تــُقطع ، والضربات على صدغه توجع ، ويتكثف التدريب في الليل ، حين ينام المستشفى ، وينقل حسن إلى المعهد ، ويدخله أساتذةٌ مختصون في أنابيب يسبح داخلها في سوائل ذابت فيها موادُ التراث ، فكان جسده العصري ، الذي امتلأ بسوائل البيرة والخميرة ودعايات الشامبو الأخيرة ونفايات المعاجين الحقيرة يقاوم بشدة ، كانت العروقُ تتحولُ إلى شاشات من النيون ولوحات الكابوي الذي يطلقُ رصاصاته المليون ويقتل كل المدينة ، وإلى مسلسلات مليئة بالديدان والعظايات والخرفان ، وفجأة يعودُ لزمن القرود ، فيتسلقُ الأغصان والأفنان ، ويضرب على صدره كأنه غوريلا فقدت أطفالها ، ثم يعود كرةً أخرى إلى حارة الهامبورجر فإذا هو سيارة تسعى لصيد الهوى ويصيرُ دكاناً لجمع العلب والنوى ، ومصوراً يتاجر بالعري وكاتباً يؤجر دماغه للورى .
كان ثمة صراع شديد بين الإرث وبنطلونات الجينز ، فكان حسن يتمدد في سحابة سيجارة ، منتعشاً فرحاً راقصاً في ديسكو، ويصيح :
-ـ دعوني هنا يا كلاب !
تتشبث أقدامه بغرزة الحشيش ، ويمسك الجوزةَ بكل خلاياه ، فتندفعُ إليه المقصات والأشرطة الداعية إلى الله ، فتفرمُ لحمَهُ إلى قطعٍ صغيرة كأنها نملٌ خاشع تحت سماء الصانع ، لكن ثمة أجزاءَ لا تزال تقاومُ وعلبٌ تطفح وتهاجم ، ورغوتها شديدة ، وإرادتها عنيدة ، فتتحول إلى سحابةٍ مديدة ، يمشي في أجوائها كالقصيدة ، يعانق امرأة تحت تمثال يبول زلالاً ، ويجلسان قرب نهر يسجد إجلالاً ، لكن المقصات تسرع حتى لا يكمل النشوة ، وتتسع الفجوة ، فترمى عليه جبالٌ من الرمال ، وشرائط من الأدعية المباركة الثقال ، وكتب الأجداد المحنكة الطوال ، حتى يدفن تحت السطور ، ويـُسحب أثر الخمور ، ويــُطهر من رجس الفجور ، لكنه بعدُ لا يزال يتنفسُ ويحن لنهر السين ومسرح راسين وأكل لحم الخنزير ولبس الحرير ومعانقة الحريم .
وحين دخل حسن المعطوب ثقب الماضي ، وبدت أطرافُهُ العصريةُ تهتزُ وتحتضرُ، وإرادةُ الأسلافِ تنتصرُ ، ولم تعد شعرةٌ منه تهتز ، فصار على هيئة أبل مضروب ، ولبن مسكوب ، وغراب مغضوب ، صاح :
-ـ أين أنت يا دنقلة وأنت يا جحفلة ؟ أراكما تتهيأان لمقتلة ، والله إنها ساعة نحس مجلجلة ، فابعدوا عني هذا العاصوم والجاثوم والله إني لها أبنت فلفلة !
لكن إشارات الآلة لم تكن تضبط بعدُ هذه العجينة البشرية التراثية ، فلا يزال نبض خفي من المعاصرة ينساحُ هنا وهناك على شكل بقعة زيت ، تطفو على فول مدمس ، فــُتسلط عليها أضواءٌ حارقة ، تذيب هذه الابنة المارقة ، فيعود الصوت :
-ـ أين أنت يا طحفش وأنت يا رهفش والله لأسلقنكما سلق البعير المعبر إلى البئير المكبر.. فما قولكما ...
ثم أخذ الصوت يُولد ويقول آ آ آ ، وتلك علامة الولادة والشهادة، وحين صحا طلب حليبَ ناقةٍ وساندويتش من لحمِ الجرابيع ، وعندما مضى إلى المستشفى رفض أن يركب السيارة ، وتشبث بحمارة ، وصاح عندما سمع الراديو ، وبكى على الدين ، وضرب رأسه بالحديد حين أُذيعت أغنية ، فما كان سوى أن ضــُرب بإبرة في الوريد .
بعد أيام قام وانزوى عن صحبه ، وراح في صمت طويل ، ومضى يغمغم غمغمات غير مفهومة ، ويصلي صلوات غير معلومة ، والجمع كله مذهول لتحوله ، ومشغول بتأمله ، مستغرب كيف لا ينام الليل ، ولا يأكل إلا بضع تمرات، حتى جاءه ممثلُ من هؤلاء الممثلين الصغار ، الذين يتعكزون على سواعد الكبار ، وصاح فيه :
-ـ كف عن هذه الدروشة يا حسن !
فالتفت إليه وقال :
-ـ اعترافك طويل يا جميل ويبلغ خمسين صفحة !
كاد جميل أن ينهار ، فهو لم يخبرْ أحداً بسره ، وعاش بين الجدران بعاره ، وهو منتفخ بريشه وأفكاره ، وإذا بالأصحاب يتطلعون إلى الاثنين دهشين ، ومن كليهما مستغربين ، وانهالت الأسئلة على جميل وحسن ، ولكن الأخير عاد إلى ملكوته ، وراحوا يحفرون جلد الآخر حتى أقر بذنبه ، فهللوا مكبرين من فراسة حسن .
وكانوا ينتظرون الوجبات دائماً متشوقين ، خاصة لليوم الوحيد الذي يقدمُ فيه اللحم ، وكأن هذا اليوم يوم عيد ، وراحوا من الصباح يمنون النفوس بالضلوع والشحم المنتشر في الأرز الأصفر ، ولكن حسن تطلع إليهم بغتة ، عائداً إلى الأرض الخراب ، نازلاً من السحاب ، وقال :
-ـ اليوم لن تأكلوا لحماً بل دجاجاً . .
غضبوا وسخروا ، فمنذ سنين كان صحن الأرز الفضي يتلألأ من بعيد ، وتبدو قطع اللحم المغروزة بين جنباته كالقمر المنير . .
وفعلاً جاء الظهرُ فرأوا فخوذ الدجاج اليابس فكبروا وآمنوا بحسن المعطوب إماماً.
وبعد عام خرج هؤلاء واندفعوا للتجارة ، ورمموا البيوت المنهارة ، ولم يعد حسن باسم المعطوب بل المدحوب نظراً لإمتلائه بالكرامات واتساع جبينه للعلامات ، فراحت جماعته تنتشر ، وتترك المسرح ذا الأضواء والأنواء ، والشعر ذا الأغواء ، وتملأ الأيدي بالمسابيح والجباه بالتجاريح ، حتى صارت علامة للسلامة ، وطريقاً للفهامة وطريق القيامة . .
المقامة الثانية
صرخ عتيق :
-ـ بعد كل هذا التعب والمال ماذا جنينيا من جماعة المهدي ؟
قلتُ له :
-ـ هذه أول الخطة ، أرأيت كيف جمعوا حشداً والإمام بينهم يخلق لنا أصدقاء ويزيل الأعداء ، فركبوا السماعات الصغيرة فعرفنا ربع أحاديث الديرة ، وصارت أعدادٌ من المسرحيين السارحين في السوق السوداء تلهج بالدعاء لشيخ العشيرة . .
-ـ وماذا نفعل بالربع واللهج بالدعاء ؟
-ـ الخطة طويلة المدى فعليك ان توصلني لحاكم الديرة . .
-ـ سأرفع تقريراً يبين إنجازك المذهل المحير .
أي تعب بذلته لتطويع المجرمين لمدرسة المتقين ، فكان أمامي تلاميذ من الحجر الصم الصوان ، وعقول واقفة على الصفر المهان ، ففلا أجهزة الكمبيوتر تستطيع أن تقوم بتغيير ، ولا السبورات تقوم بتنوير ، فكان الأخوة حالما ينتهي الدرس يذهبون إلى البارات ، وينادمون الراقصات ، ويتطوحون في الديسكوات، نافضين الثياب العربية مرتدين البنطلونات الغربية ، مسرحين الشعر على آخر موضة ، فكيف يمكن تطويع هذه البهائم الأعجمية للمعركة والقضية ؟
لكن ظهر منهم بعض النابهين ، الذي غرقوا في حفظ النصوص القصيرة ، ومكيجوا الوجوه على السمات الخطيرة ، وراحوا يمشون في طرق الحارات المكتظة ، يدعون للصلوات والإيمان ، ويلقون بأنفسهم في أي مسجد حتى لو كانوا في حر الظهيرة ، وقد أغلقت أبواب الديرة ، واشتعلت شمسُ الظهيرة ، مكتفين بكسرات من الخبز وأدعية كثيرة ، حتى أحبهم الناس ، ونزعوا عنهم الوسواس الخناس ، الذي يلعب بجيوب الناس ، وهؤلاء جلبوا أولادهم الصغار وحفظوهم الآيات القصار ، ثم أطلقوهم بالعصي الكبار . . يضربون أية امرأة غير محجبة ويكسرون أي زجاجة غير مهذبة ، ويربتون على أي عجيزة مربربة ، وأخذوا يملأون المساجد ، والساحات والمقابر فلا يطلع هنا أوهناك فاسد ، بل كل خاشع عابد .
ومن جهة أخرى أفتتحتُ محلات للكاسيت الديني ، وفيها الأدعية والخطب الرفيعة وتصاوير عذاب القبور ، والاتصال غير اللاسلكي بالجن ، فأشتراها التلاميذ بأثمان غير باهظة ولكن مجزية .
بالحبس الطويل همدت جماعة مطر عدنان اللعين ، وحين يخرج الواحد منهم منهكاً من العادة السرية في دورات المياه الحبسية ، ومن انفجارات الغاز التي يسببها العدس الفتاك والفجل النهاك ، وضياع نقود الأدخار على الأهل والقضية ، يكون تعباً حائرا ،ً نفسُه ليست في مسرح أو شعر أو كلمة قصصية ، بل يسرع للم أية امرأة للفراش ، وتكوين عش الزوجية ، أو يتوب من الوطنية والأممية ، ويرجع للدين والقبلية والمذهبية وكل بلية . .
حتى مطر المأسوف على شبابه والذي طلع ولم يجد أهله ولا بيته ، فقد مات أبوه في الفليبين بين إيدي المغنين والراقصين نتيجة لجرعة زائدة ولامرأة لصة جاحدة ، أما أمه فقد مرضت وتفسخت في الحي الذي امتلأ بالأغراب فأكلتها الكلاب ، فلم يعد أحدٌ يتكلم فيه باللغة العربية أو يشم أية رائحة عفنة أو ندية أو يسمع آهة بشرية . .
وقد انتظرت أختي على باب الحبس حبيبها فوجدته في حالة يرثى لها ، فقد القدرة على التركيز والتمييز ، فلم يعرفها إلا بعد طول تفكير، وأخذته في سيارة أجرة ، وأعادته إلى بيت الأسرة ، وكان خائفاً من كل شيء ، يتلفت حالما يسمع همسة ، أو عندما يـُـفتح الباب على حين غرة ، ويتبول على نفسه ، فيحتاج إلى صفعة أو رفسة ، لكنها واصلت العناية به بنت اللئيمة . .
ومع كل الفنادق المنتشرة ، واتساع المصانع القذرة ، ومجيء العمالة الرثة غير الماهرة ، واستيلاء بنايات الشيخ على كل حديقة ومقبرة، ومطعم ومجزرة ، وتلة رثة أو عامرة ، وإلى آخره ، فإن الحال لم تكن جيدة ومعتبرة ، بل كانت أشبه بالخره !
فابناء الشيخ لم يتركوا أرضاً غناء ، أو ساحل بالسمك واللؤلؤ والتراب معطاء ، أو جزيرة في البحر ، أوبحيرة زيت تحت الكثبان ، أو منجم في جبال ، إلا وسجلوه باسمهم ، ورحلوا أرباحه إلى حساباتهم ، وكتبوا كل شيء باسم صبيانهم ونسائهم وكلابهم وجواريهم وسواقهم وساقيهم . . حتى نز البلد من الفلوس ، وصار العرس للمرأة مثل الكابوس ، ومات الفلاسفة وأثرى وحكم التيوس !
حينذاك لا نعرف كيف ظهرت المصيبة ، وخرج رثاث الخلق ، من المقابر والمحاجر ، والمنائر ، وأشعلوا النيران في المصانع والمتاجر ، واندفع كل علج يسرق مال الأسياد ، ويحطم زجاج الفاترينات الجميلة المشعة بالألوان ، ويقطف كل ما هو غالي الأثمان ، حتى صارت البلد خرابة وجمهورية نهابة وهم كلهم متمردون على حسن المعطوب الذي اسموه حسن المسحوب . .
حينذاك استدعاني شيخ البلد وصاح :
-ـ أنقذني يا معيوف !
فقلت له :
-ـ يا مولاي يجب أن لا تــُسرق البلد بالمكشوف بل بالعقل والقانون والمعروف . .
فبحلق بعينه الوحيدة وتاهت عينه الحولاء بعيداً وصاح :
-ـ وكيف يكون ذلك ومعي كل هؤلاء الحكماء والنجباء ؟
-ـ عليك أولاً بالتخلص من هؤلاء الثقلاء ودعني أكون مستشارك الأول والأخير ، حتى ننقذ البلد من هذا الأمر الخطير .
-ـ لكنك ذو ماض معيب . .
-ـ ومن ولدته أمه وهو في العلى حتى الركن المهيب .
أحضرت أصحابي له وقلت :
-ـ أنظر إلى هؤلاء الرجال العظام ، هؤلاء خريجو مدرسة الإمام هالك بن فاتك ، فهذا حافظ الألفية كان سارق خزائن ذهبية واسمه حسن بهلوان ، لأنه كان يسرق الخزائن من السوق ويفر بها على ظهره دون أن يصاب بفتق أو إنفجار مصران ، وهذا علي الخربان كان متخلفاً في سرقاته فهو مواظب على لطش الإطارات ، والآن بنى عمارات من التاسبيح والتخاريف والكلمات ، وهذا خميس الدهان لا يستطيع أن يكتب كلمة واحدة باللغة العربية لكن صارت لديه أكبر كمية من الكتب الأدبية ، وأغني جريدة يومية ، وهذا علي دجاجة وهو لص حقير تخصص في سرقة الجرجير ، لكنه الآن خطيب مفوه في أكبر جامع ، ويده تندس بالفطرة في الجيوب تكشف المنشورات السياسية وتستر الحرامية ، وهذا محمد التتان عضو نادي الهيلمان يضرب بالخيزران كل من لا يؤمن بالشيطان ومن يهوى أبنة الحان ولا يصادق الجان ، وهذا سرحان الصحراوي كان قاطع طريق وغدا مدير بنك التسليف يُعطي أموال اليتامى لكل لص حريف ، وهذا هاجر المحرقي الذي ينط من فوق الجدران على النسوان صار مسئول الختان ومدرب الفتيان وهذا حسن المدحوب سابقاً صار صاحب الدروب والطبوب والجيوب . . هذا كله ظهر في عهدكم الزاهر حيث المآثر . .
-ـ بخٍ بخٍ يا أخ معيوف ، عليك الآن تعميم هذه التجربة وتحويل مواطنينا الكرام من حرامية متخلفين إلى أرباب أعمال متطورين . .
وما أن قال الشيخ كلمة ( أرباب ) حتى أندفع الكثير من الشيوخ والعمال وصبابي القهوة إليّ ساجدين . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9 - أنطولوجيا الحمير «قصص» دار نينوى للدراسات والنشر 2017.
❖ «القصص: انطولوجيا الحمير - عمران - على أجنحة الرماد - خيمةٌ في الجوار - ناشرٌ
ومنشورٌ- شهوة الأرض - إغلاقُ المتحفِ لدواعي الإصلاح - طائرٌ في الدخان - الحيُّ والميت - الأعزلُ في الشركِ - الرادود - تحقيقٌ - المطرُ يموتُ متسولاً - بدون ساقين - عودة الشيخ لرباه - بيت الرماد - صلاةُ الجائع - في غابات الريف - الحية - العـَلـَم - دموعُ البقرة - في الثلاجة - مقامات الشيخ معيوف».
❃❁✾❈✤
✗ القصص القصيرة:
1 - لحن الشتاء «قصص»، دار الغد، المنامة_ البحرين، 1975.
❖ «القصص: الغرباء - الملك - هكذا تكلم عبد المولى - الكلاب - اغتيال - حامل البرق - الملاذ - السندباد - لحن الشتاء - الوحل - نجمة الخليج - الطائر - القبر الكبير - الصدى - العين».
2 - الرمل والياسمين «قصص»، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1982.
❖ «القصص: الفتاة والأمير - علي بابا واللصوص - شجرة الياسمين - العوسج – الوجه - الأرض والسماء - المصباح - نزهة - الصورة - اللقاء - لعبة الرمل- الأحجار - العرائس - الماء والدخان».
3 - يوم قائظ «قصص»، دار الفارابي، بيروت، 1984.
❖ «القصص: الدرب - أماه... أين أنت - الخروج - الجد - الجزيرة».
4 - سهرة «قصص»، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1994.
❖ «القصص: السفر - سهرة - قبضة تراب - الطوفان - الأضواء - ليلة رأس السنة - خميس - هذا الجسد لك - هذا الجسد لي - أنا وأمي - الرمل والحجر».
5 - دهشة الساحر «قصص»، دار الحوار للنشر والتوزيع، اللاذقية، 1997.
❖ «القصص: طريق النبع - الأصنام - الليل والنهار - الأميرة والصعلوك - الترانيم - دهشة
الساحر - الصحراء - الجبل البعيد- الأحفاد - نجمة الصباح».
6 - جنون النخيل «قصص»، دار شرقيات، القاهرة 1998.
❖ «القصص: بعد الانفجار - الموت لأكثر من مرة واحدة! - الأخوان - شهوة الدم - ياقوت - جنون النخيل - النوارس تغادر المدينة - رجب
وأمينة - عند التلال - الأم والموت - النفق - ميلاد».
7 - سيد الضريح «قصص»، وكالة الصحافة العربية، القاهرة، 2003.
❖ «القصص: طائران فوق عرش النار -
وراء الجبال - ثنائية القتل المتخفي - البركان -
سيد
الضريح – وتر
في الليل المقطوع – أطياف
– رؤيا
– محاكمة
على بابا – الحارس».
8 - الكسيحُ ينهض «قصص» دار نينوى للدراسات والنشر 2017.
❖ «القصص: الشاهدُ.. على اليمين - الكسيحُ
ينهض - جزيرة الموتى - مكي الجني - عرضٌ في الظلام - حفار القبور - شراء روح - كابوس - ليلة صوفية - الخنفساء - بائع الموسيقى- الجنة - الطائر الأصفر - موت سعاد - زينب والعصافير - شريفة والأشباح - موزة والزيت -
حمامات فوق سطح قلبي - سقوط اللون - الطريق إلى الحج - حادثة تحت المطر - قمرٌ ولصوص وشحاذون - مقامة التلفزيون - موتٌ في سوق مزدحمٍ - نهاياتُ أغسطس - المغني والأميرة».
9 - أنطولوجيا الحمير «قصص» دار نينوى للدراسات والنشر 2017.
❖ «القصص: انطولوجيا الحمير - عمران - على أجنحة الرماد - خيمةٌ في الجوار - ناشرٌ
ومنشورٌ- شهوة الأرض - إغلاقُ المتحفِ لدواعي الإصلاح - طائرٌ في الدخان - الحيُّ والميت - الأعزلُ في الشركِ - الرادود - تحقيقٌ - المطرُ يموتُ متسولاً - بدون ساقين - عودة الشيخ لرباه - بيت الرماد - صلاةُ الجائع - في غابات الريف - الحية - العـَلـَم - دموعُ البقرة - في الثلاجة - مقامات الشيخ معيوف».
10 - إنهم يهزون الأرض! «قصص» دار نينوى للدراسات والنشر 2017.
❖ «القصص: رسالةٌ من بـينِ الأظافر - الأسود - عاليةٌ - جلسةٌ سادسةٌ للألمِ - غيابٌ - عودةٌ للمهاجرِ - دائرةُ السعفِ - الضمير - المحارب الذي لم يحارب - الموتُ حُبـَأً - إنهم يهزون الأرض! - حـُلمٌ في الغسق - رحلة الرماد - أعلامٌ على الماء - گبگب الخليج الأخير - المنتمي إلى جبريل - البق - رغيفُ العسلِ والجمر - عوليس أو إدريس - المفازة - قضايا هاشم المختار - أنشودة الصقر - غليانُ المياه».
11 - ضوء المعتزلة «قصص» دار نينوى للدراسات والنشر 2017.
❖ «القصص: ضوء المعتزلة - جزرُ الأقمار السوداء - سيرة شهاب - معصومة
وجلنار- سارق الأطفال - شظايا - الترابيون».
12 - باب البحر «قصص» دار نينوى للدراسات والنشر 2020.
❖ «القصص: وراء البحر.. - كل شيء ليس على ما يرام - قمرٌ فوق دمشق - الحب هو الحب - شجرة في بيت الجيران - المذبحة - إجازة نصف يوم - حادث - البائع والكلب - ماذا تبغين ايتها الكآبة؟ - إمرأة – الربان - إذا
أردتَ
أن
تكونَ
حماراً - اللوحة الأخيرة - شاعرُ الصراف الآلي - البيت - حوت - أطروحةٌ - ملكة الشاشة - الغولة - وسواسٌ - مقامة المسرح - إعدام مؤلف - يقظة غريبة».
تعليقات