وراء البحر...: قصة قصيرة ــ لـ عبدالله خليفة

 


ـــ 1 ـــ


في غمرة البحر البعيد تتفتّح المياه عن ذرة رمل سوداء تتجلى شيئاً فشيئاً لتغدو قطعة صخر ضارية الملامح. صخور شوهاء الوجه قريبة من الرماد، وكأنها وجع بشري برز بضراوة في الامتداد البسيط للماء.

شجرة شوكية أصلب من الموت برزت فيها كراية أخيرة للحياة.

مسجد صغير انحنى للكون ومدّ مئذنته القصيرة يداً ضارعة للأعالي والطيور ودخان السفن.

قارب سريع يندفع إلى تلك النقطة البعيدة مخلفاً وراءه ذيلاً طويلاً من الزبد.

إبراهيم يجلس في المؤخرة متطلعاً إلى الزبائن الصامتين: رجل مشوّه يحاول أن يغطي وجهه بكوفية حمراء تخفّف من برصه. امرأة جميلة متفجرة الأنوثة ذات نظرة كئيبة، صبي تشبّث بحضن خالته.

لم يستطع  ان يعرف عنهم شيئاً.

حين كان يغتسل في المياه الباردة سمع سعلات لكائن ما، رفع رأسه فوجد الأبرص يتقدم نحو الرصيف الحجري ببطء وخوف.

الشمس ارتفعت تواً فوق الأفق، والعصافير غادرت الأشجار قبل قليل فقط، وهو لم يغتسل ويعانق الماء جيداً، ولم يأكل شيئاً. ورؤية البرصاء والمشوهين والمقعدين والعميان لا تخيفه، ولكنها لا تسره.

أقترب منه وهو عار تماماً في الماء. هكذا يجب أن يتجرّد من الثياب ويعود كائناً بحرياً يتوغل في الذرات المضيئة ويذوب في اليم الأزرق الواسع الغريب.

يرتفع فوق الرصيف فيلتفت الأبرص وراءه، يتناول فوطته ويدع أنامل النسمات تجفف الماء.

  ــ أتريد شيئاً أيها.. السيد؟

يقول الآخر:

   ــ كيف أذهب إلى الرجل الصالح؟

   ــ انتظر هنا.

   ــ أود أن أذهب الآن، هل هناك أحد يأخذني إليه؟

   ــ قلت لك انتظر. أنا صاحبك. سوف آخذك إليه، ولكن لا بدّ أن يتجمع بعض الزبائن أولاً..

   ــ نعم، ماذا قلت؟!

   ــ هذا كلام نقصد به المرضى. رغم علاقتي الطويلة بالصالح فإنني لم أستفد منه كثيراً. فلا أزال أطلق على هؤلاء الناس المتعبين لفظ زبائن. لكنْ هذه هي الحياة، إنهم يرغبون في خدمةٍ ما يقدمها لهم ذلك المتعبّد البارّ. ولكن هل توجد خدمة بلا مقابل؟ صحيح أنه يرفض شخصياً استلام المال لكن ألا يجب أن نساعده وهو في خلوته الطويلة تلك؟ كيف سيأكل؟ كيف سيعيش؟ يكفي أنه احتمل العزوبة الممضّة من أجل الآخرين في تلك الجزيرة المباركة.

يقرب الأبرص قليلاً. يخُرج هو أقراص الخبز العديدة والبيض المسلوق وقطع الجبن الكبيرة وزجاجة العسل ورأس البصل.

   ــ هل تريد لقمة؟

   ــ كلا, ولكن قل لي هل الجزيرة بعيدة؟

   ــ ليس كثيراً.

   ــ والبحر.. كيف هو؟

   ــ كما تراه أمامك.

   ــ ثمة ريح خفيفة، ألن يحدث شيء؟

   ــ أبداً، أبداً. ستكون الطلعة نزهة جميلة.

   ــ هل يستطيع الصالح أن يشفي، أن ينتزع روحاً شريرة جثمت في جسد متعب؟

مضغ اللقمة الكبيرة التي حشا بها فمه ثم قال:

   ــ إنها أعمال يسيرة بالنسبة إليه. تصور رجلاً يعيش في جزيرة رهيبة بين المياه القاسية بلا معين، بلا أهل، عادته الوحيدة هي العبادة. كلماته القليلة التي يتفوه بها حكم وعبادة ورجاء. كائن كرّس ذاته لشفاء الناس، لسعادتهم، كيف لا تنبثق من أصابعه البركة؟ لا أزال أذكر بقوة تلك المرأة المشلولة التي أحضرتْها سيارةٌ إلى هنا وحملناها إلى القارب. كانت لا تستطيع أن تحرك أصابعها أو تنطق بالشهادتين، وأتذكر كيف رجعتْ وهي تقفز من القارب نحو السيارة بعد رحلة العودة. سبحان الله! كأنها امرأة أخرى تماماً. والرجل الأخرس والكاتب الذي عجز عن مسك القلم والفحل الذي لا يستطيع أن يقترب من النساء والزوج الذي يرى بحراً أمام بيت زوجته.. وجوه لا حصر لها، وأناس معذبون، كلهم عادوا بصحة أو بأمل. ثمة شيء ينبت في نفوسهم، قوى غريبة تنبثق من ضعفهم وتزيح أعباء السنين والأنين..

الأبرص يحدق فيه بدهشة:

   ــ وأنا؟ ماذا كنت الصلة به؟ مجرد متشرد ينوء بثقل القيظ، وبعد أن تعرفت عليه وخدمته حلّت البركة بي كأن ثمة سحراً ينبثق من بين يديه. صار لي بيت جميل وزوجة وأولاد ورزق موفور، وحتى هذه القرية التي تراها في مرمى نظرك لم تكن شيئاً قبل قدومه، مجرد عشرة أكواخ وزريبة بشعة للأغنام. الآن ازدهر كل شيء فيها، بيوت ملونة أقيمت فيها وترامت سوق رائعة.. إنه بركة!

رأى الأبرص يتراجع عنه، ثم يمضي نحو البلدة. صرخ فيه:

   ــ هل ننتظرك؟

لكن الرجل لم يتكلم، سار بهدوء وصمت بين البيوت، كأنه شبح انبثق من البحر وراح يجوس القرية يبغي شكلاً بشرياً.

بعد ساعة توقفت سيارة قديمة قربه، ونزلت امرأة تلبس عباءة سوداء. رغم فضفضة العباءة ومداعبة الهواء لها، برزت تقاطيع الجسد الجميلة متحدية فوضى الأشياء. أحس بأن يومه سيكون سعيداً. وحين واجهه الوجه ذو الوسامة والأنوثة الساحرة تجمّد تماماً.

   ــ أنت.. أين مكان الصالح؟

   ــ هناك بعيداً.

   ــ هل تأخذني ليه؟

   ــ نعم، نعم، تفضلي حالاً!

   توقفت المرأة فجأة:

   ــ من أنت؟

   ــ أنا صاحبه الذي اجلب إليه المرضى والمحتاجين إلى قدرته. هيا تفضلي، سوف يساعدك حتماً، سيعرف كل آلامك المبرحة منذ النظرة الأولى. رؤية واحدة تكفي ليصل إلى أعماقك! هو سيد هذه الطبيعة المتوحشة، مروض المرض والعواطف والشهوات..

توقفت المرأة كلية:

   ــ ماذا بك هل هو معجون أسنان تقوم بالدعاية له؟

   تطلع إلى وجهها باستغراب ثم انفجر ضاحكاً:

   ــ دعاية معجون أسنان؟ يا لك من امرأة..

اتجه إلى القارب لكن المرأة عادت إلى سيارتها فركض خلفها:

   ــ إذا كنت تخافين مني فانتظري قليلا ريثما يتجمع بعض المرضى، كثيرون يأتون كل يوم، لعل الريح الخفيفة اخافتهم.. كيف يُرعَبون وهم يتجهون إليه، إلى تلك العين الساهرة على البحر وقوافل المنهكين؟!

مكرمات الصالح في كل مكان، سيرته على كل لسان، فقد أخذ تراثه عن سلفه العظيم.. لكن المرأة أغلقت باب السيارة وصمتت.

بعد برهة شاهد امرأة مثقلة بابنها الصغير. ربما ألقاها الباص في تلك المحطة الحجرية البعيدة. سمع شهيقها وتأوهاتها، ثم أخذ وجهها العظمي الشاحب يتضح. انزلق الصغير ببطء على اللسان الحجري قربه.

هتف الصبي:

   ــ هناك، هناك يا خالتي هو موجود؟

   ــ نعم يا حبيبي.

   ــ هل سأراه؟ هل سألمسه هل هو كبير بحجم الجبل؟

   ــ ستراه لكن لن يكون بحجم الجبل. إنه إنسان مثلنا!

   ــ إنسان مثلنا؟!

   تجمّدت الكلمة في حلقه، واختبأ بين ساقي العجوز وراح ينظر إليه بخوف من وراء العباءة.

 ـــ 2 ـــ


في غمرة البحر البعيد يطلع رجل ضئيل من مسجد في الجزيرة الصغيرة التائهة في الماء ويبحث بمنظاره المكبر عن الأشياء. جلس على أعلى صخرة وراح يراقب حوتاً يملك نافورة في ظهره وسفينة مندفعة نحو الشرق.

مملّة هذه الجزيرة الصغيرة والمسجد الكئيب والرمل القليل. نفذت زجاجته الأخيرة وظل يبحث عن المحطات براديوه الصغير. انطفأت الموسيقى وجاءته حناجر المذيعين متعبة متشققة تنزف من أخبار الحروب والكوارث.

لو كانت لديه قدرةٌ ما لأطفأ ناراً واحدة. أرقام الموتى فلكية وأنهار الدموع الدماء تشقّ الكرة الأرضية والأيدي ترتفع بضراعة وسط الدخان والأنقاض.

إبراهيم لم يأت أمس، وتركه لوحدة رهيبة ورغبة جارفة في البكاء. لم يعد يأتي إليه إلا القليلون، أناس يائسون حتى العظم، نماذج مشوهة مرعبة تزيده حزناً وهلعاً.

لم يستطع إبراهيم أن يجذب إليه أية امرأة. في آخر مرة صرخ فيه «أرجوك، أريد امرأة! لتكن ما تكون: عوراء، حدباء، أنت لم تستطع إلا أن تبعث إليّ طابوراً من الأوبئة والآهات. أريد جمالاً. أريد جسداً رائعاً يطفئ هذه الغربة المجنونة والحديث المتواصل مع الطيور والرغبة في السلاحف!».

يصرخ إبراهيم بدهشة: «قبل أسبوعين فقط احضرت إليك امرأة، صحيح أنها فوق الخمسين، إلا أن رمقاً من الجمال لا يزال يتوهج على جدارها الأخير!».

يضحك هو: «تحسب تلك الشمطاء، التي ذبل جلدها وابيضّ شعرها والتي كانت تتأوّه كفتاة صغيرة وتطلب أمنية مجنونة وهي أن تعود إلى عزّ شبابها، امرأة؟! لقد كادت أن تسبب لي سكتة قلبية، وما كدت أمسح على خدها، فيقرصني، حتى ازدهرت فيها الابتسامات، وتركتني مريضاً ثلاثة أيام بداء الكآبة».

لم يعد قادراً على أن يكون لوحده في هذه الزنزانة الحجرية.

قبل سنوات كان مع إبراهيم في حانة بعيدة يستنزفان جيوبهما حتى الرمق الأخير. يتطلعان إلى مغنية بيضاء شهية ويضحكان ويغازلان مقدمات الشراب الفاتنات.

اقترب أحدهم منه وذهل:

   ــ ألم تسمع بالخبر؟

   ــ ...

   ــ أبوك مات!

ضحك ودفق كأساً في صحة روحه التي عمّرت طويلاً، وتذكّرا كيف ذهبا إليه مرة في تلك الجزيرة، وأعلن توبته له وسط الصخور المتعجرفة والسماء اللامبالية، فضمّه أبوه إليه بقوة. وكانت لحيته وشعره الثلجي الخشن أول عطاء وآخره. في الليل سرقا نصف مدّخراته وعادا في أحد القوارب المستعارة وهما يضحكان.

   ــ عاش أكثر من قرن كامل وكان في غاية القوة في تلك الجزيرة الشيطانية!

   ــ كم عانت تلك الأكواخ القليلة من تعاويذه ورسومه!

ثم توقف إبراهيم ونظر إليه بقوة:

   ــ مبروك يا صاحبي على الميراث الذي تركة لك!

   ــ ميراث؟ تسمي العنزة الوحيدة والثياب الرثة والعصا والسجادة والصندوق الصدئ ميراثاً؟!

   ــ لا، بل الجزيرة والتراث الرائع من الحكمة وأعطيات المرضى وهداياهم..!

   راح يحلق فوق الصخور البعيدة ويبتسم.

   ــ بدلاً من هذا التشرد والفقر والجوع تصير ملكاً. أنت ابن الرجل المبارك شافي المرضى، حامل تراثه وبركته، ستواصل رسالته الجليلة..

   ــ ولكن من يصدق؟ أتنسى سمعتي؟

   ــ كانت هذه قبل سنوات وهي أعمال صبيانية لا تتعدى سرقة بعض الدجاجات من الأزقة، أو قفز الجدران المنخفضة لتقبيل بعض النسوة اللاتي لا يقاوم جمالهن أو توصيل بعض الأغنام التائهة إلى السوق.. ثم غبتَ عن القرية وتلك الصحراء حتى ظن الجميع أنك متَّ. الآن ترجع بديكور جديد ونظيف، لحية طويلة شعثاء عاركت الفقر والضلال طويلاً. ثم ثوب قصير لم ير الحانات ولم يقعد على الرياش، ونظرات رقيقة حانية ترنو إلى السماء دائماً..

   ــ إذن دعنا نترك هذا البار فوراً!

رأى نفسه يقترب من القرية ماشياً وجمع غفير بانتظاره. دعوات كثيرة تتفجر من المحتشدين كي يجلس في بيوتهم ولكنه يشير إلى البحر، إلى تلك القطعة المتوارية المعطية كل ذاتها من أجل الحقول والقوارب والغرف.

سفينة كبيرة تحمله إليها. وعندما تركوه وحيداً، راح يركض خائفاً، ويزحف نحو الصخور، باحثاً عن أي إنسان. ولم تكن توجد سوى السماء العميقة المترامية والبحر ابنها الذي تركها والتصق بالأرض، وبضعة طيور كانت تزور الجزيرة قليلاً وما تلبث أن تهرب بعيداً باحثة عن الشجر والماء.

ووجد نفسه محصوراً بين شواطئ قريبة، ومياه تدقّ أصابع الجزيرة وتحفرها بلا كلل. وفي أيام الشتاء تتمرد المياه ويسمع لهاثها وهي تحاول الوصول إلى سريره.

وجوه كثيرة تدخل عليه غرفته المعتمة. طابور طويل من المترجرجين بين الحياة والموت، وجوه شامخة، وأيدٍ مكسورة، وآلام رهيبة تنبعث من كل مكان.

بعد كل طابور يغتسل بمياه البحر، ثم يجلس على تلّ ويشرب. النجوم تهرب من شاشة الفضاء، كائنات اليمّ تخرج منه وتثرثر قربه. المسجد يغدو شبحاً يحدق فيه  مستريباً. ذات ليلة رأى شيخاً عجوزاً ينبثق منه ويقترب. تجمد، حدق فيه فإذا هو أبوه!

يرتقي التلّ ويكاد يلتصق به. يشمّ رائحة غريبة صعبة، يقول:

   ــ فرحت كثيراً لأنك عدت إليّ مرة أخرى. في حياتي الطويلة كنت انتظرك. أجزم بأنك سوف تأتي إلي، وتجلس معي هنا ثم تأخذ مكاني. إنني أعطيت الناس كل حياتي. جثمت بين الأرواح والأشباح، بين السمك والملائكة، وعصرت أيامي قطرة قطرة، نقطة دواء وتميمة نافعة.. أما أنت فقد خيّبت كل توقعاتي، جئت حاملاً زجاجات الويسكي والفودكا لأول مرة على هذه الجزيرة الطاهرة ورحت تلتهم أفخاذ النساء وجيوب الفقراء!

قاطعته بودّ:

   ــ ماذا افعل يا أبي، لم تترك لي شيئاً أستفيد منه. العنزة نفقت قبل أن أدخل الجزيرة، وصندوقك كان مليئاً بالأوراق والحشرات. ولم تعلّمْني شيئاً. هل تعتقد أنني سعيد الآن؟ أبداً، كل ما آخذه من هؤلاء المرضى أنفقه على الشراب والأكل. ولكن أيّ حزن يجتاح أعماقي الان؟ إنها وحدة رهيبة كيف استطعتَ أن تصبر عليها؟ في هذه اللحظة أعرف سبب هروب أمي منك وتفضيلها الجحيم. لا شك أنك رجل من معدن آخر، قريب من مادة هذا الصخر.

   ــ لا بد أن تكون مثلي، لا بد أن تهجر هذه الخمرة..

   ــ حاولت أن تشفي الناس ونسيت ابنك!

   ــ دع هذه الخمرة، دعها!

ورأى زجاجته تتدحرج على الصخر وتتحول إلى شظايا وبرق.

   ــ ماذا فعلت أيها العجوز الخرف؟

هجم على أبيه فعثر على كومة ظلام وفراغ، استقبله بخشونة ورعونة حتى اجتاز سكاكينه وأشواكه واحتواه الرمل البارد.

ضحك إبراهيم عندما رأى ذراعيه مربوطين، لكنه لم يدعه يسترسل في استهزائه:

   ــ رأيت أبي البارحة!

   ــ ماذا؟ لقد تمّ دفنه منذ سنة!

   ــ إنه حي وقوي. كنت أحسبه سيقدم لي خدمة جليلة فإذا به يحطم زجاجة الويسكي الأخيرة..

   ــ ماذا بك؟ حرارتك عالية. إنك تهذي!

   ــ هل أحضرت معك شيئاً؟ إنني لم أعد احتمل هذا النفي الاختياري، سأرحل عن الجزيرة!

   ــ ماذا؟ ترحل؟ هل تهدم كل هذا الذي بنيناه لأنك وجدت شبح أبيك ودلقت بيدك المرعوبة أثمن سائل في الوجود؟

وبقي عندما استلم زجاجتين وراديو ترانزستور جميل.

طابور الوجوه لا ينفك يقتحم عليه خلوته. امرأة عاقر تقترب من الشيخوخة، تمسك أصابعه وتصيح «أريد طفلاً!»، شاب أعمى فقد بصره فجأة ففقد كل شيء: العمل والحبيبة، غني أفلس ويفكر بالانتحار، امرأة تحب زوجها الذي يخونها كل يوم وتأبي أن تخونه معه، رصاصات تنطلق في الظلام إلى رأسه، لا تقاومها التعاويذ وأعمدة البخور المتصاعدة ولا الكلمات المتوترة الغارقة في الرماد والجمر.

من ملابس أبيه العتيقة يستل خيوطاً ويصيغ منها شبكة، ثم ينزل الماء. ترنح بين صخور ناتئة وكاد يفقد الشبكة. ثم لم يستطع أن يصطاد سوى سمكات قليلة، ولكن شوْيها في الهواء الطلق، مع رشف البيرة الباردة، جعل يومه رائعاً.

   احتضن إبراهيم بود:

   ــ اريد مجموعة كبيرة من الكتب..!

   ــ وهل تعرف القراءة؟

   ــ ألا تراني أكتب كل هذه الروشتات السحرية ؟

   ــ إنها الوحدة إذن، ولكن كيف تكون وحيداً وأبوك معك دائماً !

   ــ إنه يهزّ النوافذ في الليل ويضرب الباب بحجر صلد. لقد حرقت كل قصاصات ورقه الصفراء، وحولتها إلى سماد.

   ــ هل ستحول الجزيرة إلى جنة ؟

   ــ في القسم الآخر منه، الجاثم وراء هذه التلال، ثمة أرض صغيرة وجيدة للزراعة. أريد بذوراً لنباتات مثمرة. كيف غفل أبي عن هذه الطاقات الخلاقة في هذه الأرض الرائعة؟ عندما استلم الكتب أصابه هوس القراءة، مغامرات عنيفة في البحار وأعالي السماء، قصص تسيح سطورها بالدم والأسنان المحطمة، أشباح وعفاريت راحت تملأ غرفته الوحيدة حتى كاد يختنق، قدّمها هدية للنار والأرض..

   ــ ماذا أحضرت إليّ أيها الأبله؟

ثم أحضر إليه كتباً اخرى. ورق يحمل أشياء غريبة، يحمله بعيداً، فيرى الأرض متوهجة بالنور والخضرة في حضرة الفضاء اللامتناهي. تسبح في الفراغ والماء والدماء، أنشودة من ضياء وألم. لأول مرة يعرف قرابته للسمك، وتوحّده قبل الميلاد بالنجوم، وسر عذاب أمه.

مذاق السراطين ورائحة السماد وشرر الخمرة الليلية والأغنيات القادمات من مدن الثلج أجنحة تحمله بعيداً فيدعو أباه وأمه والرجال الذين ضربهم في الطرق المظلمة واللصوص الذين استعار أغطيتهم في الزنازين الباردة وأهل القرى الذين انتزع خضارهم، للعشاء والسهر والرقص في الساحة الصغيرة المنتزعة من أفواه الصخر.

سنة ثالثة تمرّ وهو يقرأ ألوان الطيور التي تزوره، ووجوه المراهقين التي تنزّ دماً أمامه، فيطفئ النار ويصغي إلى الحكايات المنشارية التي تتوغل في لحمه فيدعو الناس أن تعطيه العافية، يبكي، ينهض، تتناثر الكلمات كالشظايا، ترتعش أوجه الخائفين، تهتز أجسادهم، لكن يبقى اللون الأصفر والحفر في الجلود.

ينثرون حوله النقود. تقوقىء الدجاجات في أقفاصها كأنها خائفة من عينيه النهمتين، يتبرّك الأطفال ويأخذون القماش الأخضر، فيصرخ لاعناً ذاته، يُرجع المال، يضع الأقفاص في القارب بين تجهّم إبراهيم وابتسامات العائدين..

يصرخ إبراهيم:

   ــ ماذا تفعل؟ أنت تحطّم كل شيء!

   ــ لا أحتمل هذه السرقة المنظمة!

   ــ بأية لغة صرت تتحدث الآن؟ هل تعتقد أننا نلعب ؟!

تأمله جيداً، إنه ليس صديقه الذي عرفه، بل سجّانه. ذات مرة ذهب إلى القرية، لم تعد بضعة أكواخ، صارت بلدة واسعة تضج بأبواق السيارات. بنايات كثيرة نمت على امتداد النظر، المارة يندفعون في الطرق نحو المتاجر.

ولم يعد بيت إبراهيم الذي عرفه، حجرة متداعية نحو الشارع تسندها جذوع النخيل. زريبة يغوص في روثها الأطفال. إنه بيت كبير مكوّن من طابقين، أمامه حديقة صغيرة، تملأ أرضيته الأبسطة الناعمة وجدرانه التحف.

وقبل أن يرجع توقف إبراهيم عند بقالته فرأى حشداً من البضائع ومجموعة كبيرة من المشترين. فتذكر الرمل والحجر والورق المحيط به، وصادفه وجهه في مرآة فعرف أنه توغل في العمر وهذه أنصال الشيب تغمد في جسده.

هتف به:

   ــ صنعت ثروة من عملي !

   ــ أنت تبعثر وأنا استثمره.

   ــ كنت تسرق الناس وتأخذ أضعاف ما تعطيني. هل تتذكر كيف كنا ننام معاً في البرد متلاصقين يدفّئ كل منا الآخر، كل كسرة خبز كنا نتقاسمها معاً، بل وكنت تعطيني نصيبك وتقول «لست جائعاً»، آه ما أحلى تلك الأيام !

وذات مرة انفجر فيه:

   ــ لم أعد احتمل، سأرحل !

   ــ وأين ترحل؟ من أنت؟ رجل بلا جذور، بلا مهنة، بلا عائلة. ستذوب في المدن كفقاعة، وتموت من الجوع أو ستكون مطلوباً بتهمة الشعوذة!

   ــ أتهددني؟

   ــ أنت منفعل جداً.

   ــ تستطيع أن تستغني عني الآن. تستطيع أن تجلب موظفاً يقوم بهذه الخدمة بدلاً مني. صرت صاحب ثروة. أنت لم تكن شيئاً قبلي، فكر بهذا جيداً! أنا أعيش هنا كالفأر المحبوس، أقتات من الورق وأنام عند التاسعة مساء، لا أذهب إلى الحفلات، لا أسافر، كل لحظة أمام هذه الصخور الرمادية، سأجن !

   ــ أنت تعيش أفضل منا جميعاً. أنت ملك هنا. لديك البحر. لديك قطعة أرض صغيرة خصبة. تنام إلى أي وقت تشاء. لا حراس. لا فواتير. تأكل. تشرب. تتمتع بالنساء. نحن هناك نركض، نلهث في الشوارع، نجري وراء الوقت فلا ندركه، تضيع أعمارنا بين الأشياء الضائعة، والأوامر تنهال علينا من كل جانب! إنني أحسدك وأنت تنام ملء جفونك، تقرأ، تسمع الأغاني، تجلس فوق العالم وتدلي بقدميك في المياه الباردة، متمتعاً، وتضحك على الجميع!

   ــ لا أريد سوى شيء واحد هو أن أعود. أن أعود إلى المدن المليئة بالشوارع والبيوت والأنوار، أتسكع في الحارات، أجلس في المقاهي، أصغي إلى الأغاني القديمة وثرثرة البشر..

ضحك إبراهيم:

   ــ يا لك من حالم غبي! كما تريد، أذهبْ إلى الجوع والتشرد وذل السؤال. حينذاك ستشتاق إلى هذه الجزيرة، ستجري نحوي وستركع تحت قدمي وتقول: أريد أن أعود !

تركه شهراً كاملاً من دون أن يأتي إليه، ومن دون أن يأتي أحد إليه. صمتت موسيقى الراديو ونفذ الخبز وراح يركض فوق الصخور ينادي السفن البعيدة، لكن لا صوت في الآفاق.

  ـــ 3 ـــ

 

انبثق القارب من الغابة الزرقاء. ريشة في انتفاضة الماء. لمح سواداً فحرّك قلبُهُ المنظارَ بعيداً. إنه يقترب وعليه أن يتسلل إلى كهفه.

ينزل إلى مخبأه، ويجثم على مسنده.

كان يحلق في السماوات العليا، يهدي العالم أناشيد من نور، وها هي أجنحة تحترق ويندفع نحو الأرض كمظلي فاشل ويغوص في المستنقع.

جسده يرتجف رغبة في امرأة، غير مستعدّ للإصغاء إلى أية وصايا. يتخيل نفسه يطاردها عارية بين الصخور، ثم يفترشان الرمل وشرارات الماء والضوء تتألق على جسدها.

أية أحلام فقيرة هذه؟ ينهض ويبصق على النار التي لا تنطفئ. عملاق في مصيدة، روح في مادة حقيرة، لماذا لا يقفز إلى المدن، يركض تحت الألعاب النارية؟

سمع أصواتاً وحركة. تناول مسبحته وألقى بعض البخور في المجمرة. كم يكره رائحة هذا البخور! يطرق الباب ويدخل سجّانه:

   ــ أجئت أخيراً؟

ينهض ويتناول بلهفة الكيس الذي حمله.

   ــ ستجد فودكا هذه المرة..

   ــ أوه.. أكرهها. ألا يمكن أن تجلب كارتوناً من البيرة أبداً؟

   ـــ بحجمه الكبير وشكله سوف يفضحنا. ستجد لحماً مجففاً وهو مزّة رائعة. ومجموعة من الصور الفاضحة تسليك في وحدتك!

   ــ وهل أنا ناقص أيها الأحمق؟ لكن قل لي رأيت امرأة في القارب !

   ــ اثنتان، الأولى عجوز في السبعين والأخرى.. امرأة ناضجة كلها أنوثة وإغراء !

   ــ أدخلها فوراً.

   ــ لا، ليس هكذا. عليك بالصبر. إذا أدخلتها أوّلاً ولصقت بها إلى الظهر انكشفنا. هل تنسى حادثتك مع تلك المجنونة الجميلة التي سكرت معها ولم تظهر إلا بعد أن أظلم الليل، ثم برّرت التأخير بشكل أسوأ منه !

وعند الباب واصل توجيهاته:

   ــ سيدخل عليك رجل أبرص يبدوا مقعداً ثم المرأة العجوز مع ابن خالتها وهو المريض ثم الغادة. اعْتنِ بالجميع.

أخذ رشفة من الزجاجة وأطفأ غيظه بحريق داخلي.

دخل رجل متردد. راح يهمهم بتعاويذ أبيه. لم يلتفت إليه، وضع بخوراً فتصاعدت ألسنة حمراء بينهما، رأى ألوانه المتآكلة. غمغم بألم وقال:

   ــ لم غيّرت جلدك؟

   ــ سيدي.. هو.. هو الوقت !

   ــ اختصر!

تطلّع إليه وإلى النار. صمت برهة، فاستحثّه.

   ــ كنا نعيش أياماً رائعة. شلّة من الأصدقاء تتحاور في كل شيء، نسهر إلى آخر الليل. نشرب ونضحك ونواجه النهار بوجوه مستثارة بالأمل. ظهورنا تستند إلى جدران الحارة ذات الصخور البحرية الصلدة. وأنا لم تكن الدنيا تسعني، آكل الورق ليلاً ونهاراً، أجري بين الدكاكين والمقاهي، أتأمل صورتي الجميلة في المرآة وفي عيون الفتيات فأزهو، وأغني، وأراقص أهل الحارة جميعاً في الأعراس، وختان الأولاد، لم يكن يخيفني شيء. كانت الدنيا حديقة، وأنا فراشة سعيدة..

غمغم متأففاً وقال:

   ــ اسرع، اسرع !

   ــ أمي تخاف عليّ وتحبني، أبي يقول لي: فكّرْ بمستقبلك. كان الأصدقاء كل شيء، وكنت نحلة أتنقل من خليةٍ إلى خلية، أتذوق العسل فأنمو وازداد حباً ورقصاً. الكون كله كتاب وامرأة أقرأه وأحبه.

ذات ليلة فوجئت بعاصفة من القيود والأيدي تنتزعني من فراشي. وجدت نفسي في مصيدة صغيرة من الحجر. مرت عليّ أيام كثيرة وأنا أحدق في الجدران وأعدّ النمل. آكل الخبز المغموس بسائل لا طعم له. اختلط الليل والنهار. تمزق جلدي من الأظافر والسياط.

خرجت ذات يوم شتائي جميل فركضت فرحاً إلى الحارة. عاد العصفور يزقزق على الأشجار. عاد إلى جلسة الأصدقاء في الأزقة المليئة بالطرق الضيقة ومئات الأطفال الحفاة. الأم تركض وراءه. تصيح: تعال لا تذهب مع هؤلاء. لا أريد أن أراك تعود إلى هناك فأرى ظهرك ممزقاً. أبي لا يزال يفتح رزنامة المستقبل غاضباً فأرى أوراقي زاهية! أتوغّل في الحارة، أمضي إلى بيوت بعيدة، أتسلل إليها في الظلام، وعلى أضواء الشموع نتكلم بهمس، ونتداول الورق الرقيق، لنعطيه لآخرين. جدران الحارة امتلأت بخطوطنا. وأمي لا تزال تذكرني بالصلاة، وإنني طفل نسي صانعه.

مرة أخرى انتزعوني من فراشي ووجدت نفسي في برج صغير. أرى الناس صغاراً كالنمل، والسماء قريبة مفتوحة على احتمالات الألوان. يوم، يومان، سنة، سنوات، وأنا مربوط بجدار، أرى الغيوم تأتي من الشمال وتجري في السماء حرة، بيضاء، نقية، ثم يهطل مطر غزير. تتمزق أذناي من دويّ الرعد، وتقترب أظافر البرق من وجهي.

يأتي الصيف فتخلع الدنيا ملابسها، وأتعرى، مشتاقاً إلى البحر والينابيع، تتداخل وجوه الحراس بالجدران، تدخل الطيور والنساء والأشجار والحارة إلى البرج، يمتلئ الجدار المعتم بالخطوط، أغدو طائراً أتسلل من الفتحة الصغيرة وأرحل.

أتحدث طويلا مع الظلال. يعطيني الحارس قرآناً فأعجز عن القراءة. أين ذهبت ذاكرتي ؟

أخرج من البرج إلى الشارع. قطعة من انسان. هيكل عظمي يستريح عند كل خطوتين. ذهبت إلى الحارة فلم أجدها. لم تعد هناك حارة. ثمة أبنية كبيرة. كدت أتوه حتى لقيت أمي. حضنت مومياء. أما أبي فقد رحل بعيداً. بحثت عن أصدقائي فلم أجد أحداً. غرباء يملأون الشوارع، متاجر ذات واجهات زجاجية برّاقة في كل منعطف. بحثت عن عمل فتهت بين الحفر والبقايا والبشر. عشت في غرفة مظلمة أياماً لا أدري عددها. أمي تضرب الباب وتقول: أخرج إلى الناس، تضع لي صحون الأكل فلا ألمسها.

اشتقت إلى الأصدقاء، إلى الحارة إلى الدفء واللمسة الحنونة، إلى الوهج..

تساءلت: لماذا تطاردني اللعنة؟ هناك من يعاقبني. اخوتي كانوا يموتون. أبي مات. أمي عود خشبي لم أفعل من أجلها شيئاً. الكلمات التي نثرتها تبخرت في الهواء. الجدران التي احتملتْ كتابتنا طويلاً تهدمت. هناك لعنة خبيثة تشرّب بها جسدي ودمي ولوني وفعلي. حتى أصدقائي نسوني، تحولوا إلى أفاعٍ تصعد بنايات عالية. وحدي في القبو هنا. الظلام العميق يحتويني، وأنا أكلم الجدران والحراس وأمي، متحدياً اللعنة، فاتحاً النافذة لأرى وجوههم ترصدني. أقرأ القرآن بصوت عالٍ، أسجد لجهة الشرق، أكلم الأصدقاء الأفاعي، أكتشف اللعنة جرثومة في الماضي، في شكوك العيون، في المال الوفير، والوظائف، والتساؤلات المريبة..

اللعنة كانت ورائي دائماً. الله لم يكن يحبني، لم أعرفه. أجري في  الحارة، أغذّي الشكوك والتساؤل حوله، كان يرصدني، أطلق عليّ صواعقه في البرج فأتلف عقلي، أطلق عليّ عيونه فأحرقني..

صَمَت. تجمّد محدقاً في شفتيه الجمرتين منتظراً.

   ــ خرجت ذات يوم إلى أمي فبهتت. صرخت: ماذا بك؟ تطلعت إلى وجهي في المرآة فذعرت، ثمة بقعة مخيفة على رقبتي وخدي. جلد غريب التصق بجلدي. حاولت نزعه بأظافري فتدفق الدم !

أي خوف انفجر! رحت أركض في الشارع، ألهث خائفاً، عند كل مرآة أحدّق في البقعة. ماذا حدث، هل سأموت؟ حلم لا يتحقق. الناس تحدق فيّ مستغربة مشمئزة. الدائرة البيضاء الحمراء الكريهة تجذب الأنظار. وصلت إلى أقرب طبيب. فحصني بهدوء وبرود وقال «مرض شائع!». كتب لي وصفة واستلم نقودي.

الغرفة المعتمة تحتويني، بين كل دقيقتين أفتح النور وأرى البقعة. لم تزل كما هي. تحدق فيّ كعين شيطانية. ترفض الخروج أو التقلص. في الصباح وجدتها قد اتسعت وركضت في البشرة السمراء خيولاً جامحة.

اندفعتُ إلى حضن أمي. ضمتني إلى صدرها. شممت رائحة عتيقة. تذكرت الحارة والأصدقاء. لو كنت قد متّ في تلك اللحظات لكنت سعيداً. الآن لا توجد سوى العيون تطلّ عليك لتتأكد أنك لا تزال في الظلام.

تأخذني أمي إلى شيخ عجوز. بيت عتيق أشبه بخرابة يسكنه رجل تجمعت كل السنين فوقه. أقترب فشممت رائحة جلود مدبوغة وإنسان كهف. يقرأ عليّ كلمات غريبة ثم يطلب مني أن أفتح فمي. لم أكن أعرف ماذا سيفعل. فتحته مستغرباً فإذا هو يبصق فيه!

أقشعر جسدي، تقيأت قربه. اندفعت خارجاً. ومعدتي لا تزال تنتفض، وتقزز فظيع أشعل كياني كله!

صَمَتَ وانتظر. تطلّع إليه بحنو وأمسك يده دون أن يعبأ بألسنة اللهب. في هذه اللحظة يودّ لو يقدم نفسه زيتاً لجلده. قام واحتضنه بقوة:

   ــ لقد أضعت وقتاً طويلاً أيها الشاب في الحزن. أخرج إلى الشمس، ألْقِ بهذه الكوفية الكئيبة، أصعد إلى الجبل وتعرَّ، دعِ الضوء يغسلك!

إذهب !

 ديسمبر 1989

ــــــــــــــــــــــــ

12 - باب البحر «قصص» دار نينوى للدراسات والنشر 2020.

«القصص: وراء البحر.. - كل شيء ليس على ما يرام - قمرٌ فوق دمشق - الحب هو الحب - شجرة في بيت الجيران - المذبحة - إجازة نصف يوم - حادث - البائع والكلب - ماذا تبغين ايتها الكآبة؟ - إمرأة الربان - إذا أردتَ أن تكونَ حماراً - اللوحة الأخيرة - شاعرُ الصراف الآلي - البيت - حوت - أطروحةٌ - ملكة الشاشة - الغولة - وسواسٌ - مقامة المسرح - إعدام مؤلف - يقظة غريبة».


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أعلامٌ على المـــــــــــاء : قصة قصيرة ــ لـ عبدالله خليفة

عبـــــــدالله خلـــــــيفة : أفق ــ فهرس العناوين لسنة 2014