دهشة الساحــــــــر : قصة قصيرة ــ لـ عبدالله خليفة
كانت ضجة عنيفة على الباب. لملم العجوز أطرافه المبعثرة بين النوم والحلم، وتعكز على ظلالا الظهيرة، وفتح، وفوجئ بانهمار مطر بُني من المفتشين ورجال الشرطة. وُضعت زجاجات الكافور والزعتر والورد، وارتجافات المواليد، وشظايا أماني العمر المديد وحبوب البصر، في الأكياس. لم يكن هناك في الحي من يرمق المشهد. الأغراب الذين سكنوا وصاروا رجال المليشيا، والجبليون المغمغمون بلغة رهيبة، لم يكونوا يدرون به. كانت الشمس وحدها ساطعة مثل مليون قنبلة. تعثر طويلاً ليركب [ الجيب ]. كانت أبعد مشاويره [ الخباز ] ودكان الأصحاب، وسطح بيته المهُاجم بدوي المكيفات. في المكتب واجه وجهاً بارداً مغسولاً بغبار الكولونيا. تراءت وراءه الكتب والمناظر الأجنبية. ثمة نباتات غريبة تغمغم. تأمل الطبيبُ المسئولُ المشعوذ، وهتف في نفسه: [ الآن وقع في قبضتي! يا لثارات تلك الأيام المرتجفة من خطواته المخيفة، ونظراته الميدوزية القاتلة !]. فكر كم مضت من سنوات وهو لم يزر الحي، منذ أن حمل والديه المنهكين من السنين فوق كتفيه وحط بهما في برية قاحلة، بمنزل واسع مريح لا يدنو منه القذرون. في تلك الليالي البعيدة، حيث تلسعه عصي الأولاد الأشقياء، و